الملخص
يعد الأدب منذ قديم الزمان مرآةً عاكسة لحياة الشعوب بكل تفاصيلها
المتباينة، حافظة للقيم الإنسانية الرفيعة، وسجلا للأخبار والآثار، ومتَنَفَّسًا
يتخذه الكتاب والأدباء وسيلة لبث أوجاعهم وأفراحهم، وثقافاتهم مع اختلاف مناطقهم
الجغرافية، ولغاتهم وأساليبهم. وكان الأدب العربي من أهم الآداب العالمية، وأثراها
وأكثرها كنوزا، وخاصة الشعر الذي يبتوأ الصدارة من قسمي الأدب، إذ هو الحامل
الحقيقي لعلم العرب، وميزتهم الأقوى منذ جاهليتها، يقول الجاحظ: «إن كل أمة تعتمد
في استبقاء مآثرها وتحصين مناقبها على ضرب من الضروب وشكل من الأشكال، وكانت العرب
في جاهليتها تحتال في تخليدها بأن تعتمد في ذلك على الشعر الموزون، والكلام
المقفى، وهو ديوانها»،
فهو الوعاء الحاضن لعلومهم، ولذلك اتخذوا الأدب سجلا لحفظ أخبارهم ومآثرهم، وكان
«ديوان علمهم، ومنتهى حكمهم، به يأخذون، وإليه يصيرون».
وكان إذا نبغ فيهم شاعر أقاموا له الوليمة فدعوا الناس إليه، إشادة به، وإِشارة
إلى أنه الناطق المدافع الذاب عن مفاخر القبيلة. وكان الشعر كذلك لم يفارق العرب
إلى أن جاء الإسلام، فقوى من شأنه، وبيَّن لهم مذمومه من ممدوحه، فاتخذه الصحابة
والمسلمون أداة أخرى لنشرة الدعوة الإسلامية، إلى أن وصلت الدعوة مع الشعر إلى
الدول الإفريقية في القرن الأول الهجري، فاتخذه الأمة
الإفريقية وسيلة لبث لواعجهم، وتدوين مآثرهم. وكانت السنغال من أهم الدول
الأفريقية الغربية اهتماما باللغة العربية وبالأخص الشعر، فاتخذوه مرآة عاكسة،
وديوانا حافظاً لحياتهم وتاريخهم، وسجلا حاضنا لخلجات قلوبهم، وترجمانا صادقا
لمشاعرهم، فقد أبلوا فيه بلاء حسناً، وضربوا فيه بكل سهم وافر، فشعرهم قائم يذكر
ما دامت السماوات والأرض، بيد أن هذا الشعر العربي السنغالي ينشد من يحسر عنه
الخمار؛ ليكون معروفا مدونا في سجل الآداب العالمية، وخاصة في أراشيف الأدب
العربي، ولذلك جاءت هذه الورقة محاولة الوقوف على بعض النقاط المهمة التي تكون
ملمحا قويا، ومدخلا لمن يريد معرفة الشعر العربي في السنغال، مقسمة إلى ملخص،
وأربعة مباحث: (المبحث الأول: نشأة الشعر العربي السنغالي،
ومصاره، المبحث الثاني: صور من اتجاهات الشعر العربي السنغالي في الأغراض، المبحث
الثالث: صور من اتجاهات الشعر العربي السنغالي في مقدمة القصيدة، المبحث الرابع:
صور من اتجاهات الشعر العربي السنغالي في الوزن والقافية).
DOI: 10.36349/yajoall.2023.v07i01.003
author/ الدكتور
محمد نيانغ
journal/YAJOALL | Vol. 7, Issue 1 | 22-38